مهد الذهب بالوثايق العثمانيه

مهد الذهب بالوثائق العثمانيه

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم




وثائق عثمانية عن المعادن الثمينة
في منطقة المدينة المنورة
عام 1295هـ/1878م

ترجمة : د. سهيل صابان
باحث معلومات في مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض


تنامى إلى السلطات العثمانية في إستانبول نبأ وجود مكامن للذهب والنحاس والفحم الحجري بجوار قرية السوارقية ، الواقعة في منطقة المدينة المنورة ، فأرسلت وفدًا من أهالي المنطقة ، مع بعض الفنيين والإداريين لفحص المنطقة ، والحصول على عينات من تلك المعادن وإرسالها إلى إستانبول ؛ لإجراء اختبارات علمية دقيقة عليها .
وجرت مكاتبات بهذا الشأن بين عاصمة الدولة العثمانية إستانبول ، وولاية الحجاز .
وقد وقفت في أرشيف يلدز الخاص( 1) على أربع وثائق تتعلق بهذه القضية ، رأيت لأهميتها ترجمتها إلى اللغة العربية كما هي ، دون التدخل في مضمونها من حيث التحليل والتمحيص .



الوثيقة الأولى : وهي محضر قَدَّمَتْهُ اللجنة الخاصة للكشف عن المعادن المذكورة ، بتاريخ 28 ذي القعدة 1295هـ/ 25 نوفمبر 1878م ، ونصها ما يلي :

إلى الجناب العالي لمحافظة المدينة المنورة :
إن إجراء الكشف اللازم على معادن الذهب والفضة المشار إلى وجودها بالقرب من السوارقية بجهة الشرق ، وأخذِ نماذج منها [ وإرسالها إلى استانبول ] من مقتضيات الأوامر السلطانية . وبناءً على الأمر السامي لجناب الصدر الأعظم بالقيام بما يجب في هذا الصدد ، الوارد إلينا من الإمارة الشريفة [ أي مكة المكرمة ] والولاية الجليلة [ أي الحجاز ] .
وبناءً على مذكرة جنابكم الصادرة بتاريخ 12 ذي القعدة 95[12هـ] وامتثالاً لأمركم الوارد فيها ، فقد تحركت لجنتنا المتواضعة في الثالث عشر من الشهر الحالي [ أي ذي القعدة ] إلى الموقع المذكور ، وتم جمع اثني عشر صندوقاً من العينات المطلوبة ، سُلِّمت إلى قيادتكم ؛ بغية إرسالها إلى جناب المقام العالي [ أي السلطان العثماني ] .
يقع المعدن المذكور على بعد أربع مراحل من المدينة المنورة. وقد استخرجنا خريطة لموقعه بمعرفة المهندس خورشيد قلفة(2 ) وتم تقديمها بطيه .
وبناءً على تلك الخريطة فإن المعدن المذكور هو جبل عظيم على ارتفاع مائة وثمانين متراً ، وعلى طول ثلاث ساعات ، يستغرق الدوران حوله تسع ساعات ، غطي سطحه بالحصى والأحجار العادية اللينة .
اشتهر هذا الجبل في المنطقة باسم مهد الذهب ، وفي هذا الجبل مغارات عديدة ، تشكلت جراء التنقيب عن الألماس في عهود سابقة ، ودخلنا بعضها بالشمع ، فوجدناها تتكون من ركام من حجر كوز ومعدن الكحل .
وتوجد بلدة تتكون من مائتي منزل تقريباً في الساحة المتصلة بالجبل المسمى مهد الذهب لم تندرس بالكامل ؛ بل إن آثارها وأسوارها ما زالت موجودة ،.كما يوجد ما يطلق عليه هنا (( مصنع )) يتكون من ستمائة محل ، وبداخلها أكثر من ألف قطعة من الرحى المصنوعة من الحجر التي تكسرت مع مرور الدهر عليها .
كما يوجد حوضان كبيران بطول مائتي ذراع ، مصنوعان من الملاط الصافي مملوآن بالماء ، ويبدو أنها من مياه الأمطار التي نزلت من الجبل المذكور والتلال ، وهما من الآثار العظيمة التي تم صنعهما سابقاً .
وفي أطراف الجبل المذكور غابات وحدائق واسعة ، وبما أن المغارات المذكورة مهجورة ، فإن العينات المأخوذة من هذا المكان يبدو أنها من الأشياء التي استخرجت بالفأس. وإلا فيجب [ تفجير ] المحل بالبارود لفتح معبر للوصول إلى المطلوب - كما هو أمر بديهي - .
وبناءً على ذلك فقد قدمنا محضرنا هذا ، والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان .

28 ذو القعدة 95[12هـ] 12 تشرين الثاني 94[12رومي:25 نوفمبر 1878م]
( أختام كل من : ) مهندس المدينة المنورة : محمد خورشيد
------------ عن أهالي المدينة المنورة : سليمان
----------- باب العرب : أبو بكر ناصر
----------- عن أهالي المدينة المنورة : أبو بكر عبد الله
----------- الداعي [عن] أشراف بني حسن : السيد منصور
----------- الداعي عن سادات بني حسين : الشريف علي بن حسين
----------- الداعي [ نقيب ] سادات العلوية بالمدينة المنورة : السيد صافي
----------- الداعي مأمور عن جانب الإمارة الجليلة [ أي مكة المكرمة ] : السيد هيازع بن عبد [ الله ] بركاتي

---------------------------------------------------

( 1) من تصانيف الأرشيف العثماني باستانبول 27/160 Y.A.HUS. .
( 2) قلفة باللغة التركية تعني: المعلم .


انتهى 00000ويتبع
بسم الله الرحمن الرحيم




الوثيقة الثانية : وهي محضر قدمه أعضاء مجلس إدارة المدينة المنورة إلى ولاية الحجاز بتاريخ 11 ذي الحجة 1295هـ/6 ديسمبر 1878م .

إلى الجناب العالي لولاية الحجاز الجليلة :
بناءً على ما أدلى به بعض السياح من وجود مكامن للذهب والنحاس والفحم الحجري ، في الجبال الواقعة بالجهة الشرقية من المدينة المنورة ، على حدود عشائر مطير ، بجوار قرية سوارقية لبني حسين ، وكذلك وجود غرفة في باطن جبال عشائر بني عبد الله ، يُنزل إليها ما بين ثمانين إلى مائة قدم ، من آثار ملوك تُبَّع ؛ وبناءً على الأمر الوارد من جناب الصدر الأعظم في بتكليف أحد الموظفين من الإمارة الجليلة
[ أي مكة المكرمة ] ، والسيد صافي من أهالي المدينة المنورة ، وشخصين أو ثلاثة أشخاص من أشراف بني حسين ، وأبي بكر أبو النصر أفندي ، وأبي بكر ناصر أفندي ، والشيخ سليمان سمان أفندي بالتوجه إلى الموقع المذكور ؛ لإجراء الكشف اللازم عليه ، وإرسال خمسة إلى عشرة صناديق من أصناف المعادن التي يتم اكتشافها بناءً على ذلك الأمر فقد تم تعيين المشار إليهم مع السيد هيازع أفندي من الأشراف ؛ للتوجه إلى الموقع المذكور والقيام بإجراء الكشف اللازم .
وبناءً على الأمر الصادر في 24 شوال 95[12هـ/11 أكتوبر 1879م] برقم 270 من ولايتكم العالية المشتركة مع الإمارة الجليلة والقاضية بدفع مصروفات الطريق المناسبة للمذكورين ، حيث تمت قراءة ذلك الأمر في مجلسنا ، وبعد أن تم جلب السيد علي ، ومنصور أفندي ، وهما من أشراف بني حسين ، وجرت مداولة الحديث عن كيفية توجههم على نحو مفصل ، تقرر أن يتوجه معهم المهندس خورشيد أفندي ؛ بغية القيام برسم خريطة المواقع المذكورة ، والاستفادة من معلوماته في هذا الصدد ؛ وكذلك حجَّار لكسر الأحجار ، ومعلم بناء .
وبناءً على أن الموقع المذكور يقع على بعد خمس وثلاثين ساعة [ من المدينة المنورة]، ونظراً للحاجة إلى الكشف بدقة عن الأماكن ؛ فقد عُين السيد هيازع المشار إليه والسيد صافي ، براتب وقدره ألفان وخمسمائة قرش لكل واحد منهما ، أما السيد علي منصور وأبو بكر أبو النصر وأبو بكر ناصر وسليمان السمان وخورشيد أفندي ، فقد خصص لكل واحد منهم ألفا قرش، كما خصص لكل واحد من الحجارَين ومعلم البناء ألف وسبعمائة وخمسون قرشاً .
وبعد صدور الموافقة على ذلك قدمت تلك المبالغ المالية لهم ؛ مصروفات للطريق، وتوجهوا إلى الموقع المذكور. وقد رجع المشار إليهم من الموقع المذكور بعد القيام بأداء عملهم فيه ، وجلبوا معهم عشرة صناديق من العينات ، ووضعت تلك العينات في صناديق محكمة ؛ بغية عدم فقدها في الطريق ، وغطيت تلك الصناديق بالأكياس ، وختمت بختم مجلس الإدارة ، وأرسلت بمعية السيد هيازع إلى رابغ ؛ لإرسالها إلى جدة بالبحر ، كما قدم بطيه أيضاً محضر عما أفاد به المذكورون من معلومات ومشاهدات أثناء رحلتهم تلك مع رسم للموقع .
ومن خلال الاطلاع عليه سوف يكون لدى ولايتكم إلمام مفصل بالموضوع ، ولهذا لم نر حاجة لعرضه عليكم ثانية ، وإضافة إلى مصروفات الطريق البالغة ثمانية عشر ألفاً وسبعمائة وخمسين قرشاً المذكورة ؛ فإن أجور العمال المستخدمين في المحل المذكور والمصروفات الضرورية كافة وأجرة نقل العينات إلى هنا [ أي المدينة المنورة ] ، ومنها إلى رابغ قد تم صرفها من الخزينة الديوانية من خلال إدارة الحسابات. هذا للعرض على جنابكم. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان..

11 ذو الحجة 95[12هـ].. 24 تشرين الثاني 94[12 رومي: 6 ديسمبر 1878م]
---------- الداعي المفتي الحنفي : (ختم) محمد عمر
---------- الداعي نقيب السادات : (ختم) [ غير واضح ]
---------- الداعي العضو : [ لم يحضر] في إستانبول
---------- الداعي العضو : حسن أسكوبي
---------- الداعي العضو : إسماعيل حقي
---------- المحاسب : السيد خليل ميمني
---------- مدير التحريرات [ الشؤون الإدارية ] محمد كامل
---------- الداعي العضو ووكيل القاضي : السيد حسين هاشم الحسيني
---------- الداعي مفتي الشافعية : السيد جعفر البرزنجي
---------- الداعي قاضي المدينة المنورة : [ لم يحضر ] بسبب وجوده في مكة المكرمة لأداء الحج .
---------- مدير الحرم النبوي الشريف : متوفى
---------- محافظ المدينة المنورة وقائد فرقة الحجاز : صبري

------------------------------------------------------------------------

انتهى0000 ويتبع


--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم



الوثيقة الثالثة : وهي معروض مشترك بين أمير مكة المكرمة الشريف الحسين بن محمد( 1) ووالي الحجاز محمد حالت باشا ، صادر بتاريخ 26 ذي الحجة 1295هـ/21 ديسمبر 1878م .

إلى جناب حضرة الصدر الأعظم
نعرض على معاليكم :
إنه بموجب الأمر الصادر من صدارتكم الجليلة بتاريخ 17 جمادى الأولى 95[12هـ/19 مايو 1878م ] وبرقم 20 بالقيام بإجراء الكشف اللازم على ما قيل من وجود مكامن للذهب والنحاس والفحم الحجري في جبل بجوار قرية السوارقية عند حدود عشيرة مطير وبني حسين في الجانب الشرقي من المدينة المنورة، وانتداب من يلزم من الأشخاص الواردة أسماؤهم في الإشعار ؛ بغية القيام بإجراء الكشف المفصل في الموضوع ، ووضع عينات منها في خمسة إلى عشرة صناديق ، وإرسالها على نحو سليم ؛ حتى لا يسقط شيء منها في الطريق أثناء نقلها .
وبعد إبلاغ محافظة المدينة المنورة بذلك ، فقد ورد في خطابها الجوابي أن الأشخاص المذكورين قد انتدبوا إلى الموقع المذكور ، وأنه جرت الكشفيات اللازمة، ووضعت عينات من المعادن التي عثر عليها في صناديق ، وأرسلت إلى جدة ، مع الإشارة إلى أن المحضر المعدّ من لدن المنتدبين عن الكشف المذكور ، والخريطة المرسومة عن الموقع قد تم إرسالها مع المحضر الذي أعده مجلس الإدارة المحلية ، وقد تم بطيه تقديمها كاملة .
أما العينات المذكورة فقد أرسلت من جدة بالسفينة بمعرفة قائمقامية الولاية ، وأرسل سند تسليم العهدة إلى مدير أعمال الولاية [ في إستانبول ] ، والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان .

26 ذو الحجة 95[12هـ].. 9 كانون الأول 94[12 رومي: 21 ديسمبر 1878م]
----------- والي ولاية الحجاز: (ختم) محمد حالت
----------- الداعي أمير مكة المكرمة: (ختم) الحسين بن محمد

------------------------------------------------------------
(1 ) امتدت إمارة الشريف الحسين بن محمد لمكة المكرمة من شعبان 1294هـ وحتى ربيع الثاني 1297هـ


انتهى 0ويتبع

--------------------------------------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم




الوثيقة الرابعة : وهي مذكرة تبين كيفية إرسال عينات من الذهب المستخرج من منابعه بمنطقة المدينة المنورة إلى إستانبول ، صادرة بتاريخ 17 صفر 1296هـ/9 فبراير 1879م .

لقد تم الاطلاع على المذكرة الخاصة بجناب السلطان الصادرة الآن ، والمتضمنة الموافقة على عرض صناديق عينات منبع الذهب الذي اكتشف في السوارقية بجوار المدينة المنورة .
كما تم الاطلاع كذلك على برقية جنابكم ، والحقيقة فإن السفينة التي نقلت تلك الصناديق قد وصلت ، وبما أن الصناديق قد تم إيداعها في الجمارك، فقد سبق إرسال موظف مخصوص ؛ لإخراج تلك الصناديق من الجمارك ، وبناءً على هذا الأمر السلطاني فقد تم التأكيد على من يهمه الأمر بضرورة إخراج تلك الصناديق من الجمارك الآن ؛ لتقديمها إلى القصر السلطاني على الفور..
17 صفر 296[1هـ/9 فبراير 1879م]

0
0
0
لم أجد في الوثائق ما يشير إلى نتائج تحليل العينات المرسلة إلى إستانبول ، وربما تكون العينات المرسلة غير مشجعة على الاستثمار ؛ إذ لم تتخذ الدولة العثمانية أية خطوة عملية بعدها ، وفي اعتقادي أن نتائج التحليل لو كانت إيجابية لاهتمت بها الدولة ، وسارعت لاستثمارها .
منقول