السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لولا الذوق لكانت الحياة بلا قيمة. والسؤال هنا كيف نعتني بأذواقنا ؟ وهل الذوق قابل للصقل والنمو والتفتح ؟ الذوق لا يقتصر على مايتذوقه اللسان _ ذلك أدنى دركاته على الإطلاق .فللعين ذوقها ومثلها للأنف والأذن واليد وللقلب ذوقه وكذلك الفكر والخيال . والذوق هو الذي يحبب الينا أشياء وأشياء . وينفرنا من أشياء وأشياء . الذوق أن تكون كل دقيقة في حياتك في غاية الجودة من حيث ماتعمل فيها وماتفكر ، ومن حيث انسجامها مع من حولك وما حولك من الناس والأشياء والأحداث . المدارس في كل مكان تعج بالطلبة ، والمساجد بالمصلين . ولكن الذين يخرجون منها وهم أوفر نعمة وأشد اغتباطا بالحياة قبل ان يدخلوها . وذلك يعني ان المدرسة والمسجد لا يقومون بواجبهما في صقل أذواق الناس وانمائها . فما أكثر مانرى بشرا يخرجون من الجامعات حاملين أوراقا تشهد بأنهم دكاترة في العلوم والأدب . وإذا بهم في حياتهم اليومية برابرة وأحط من ذلك من حيث تذوقهم للحياة وجمالها. وما أكثر ماترى مصلين يخرجون من معبدهم فلا يتورعون عن أن يبللوا جدرانه بنفاوات من أجسادهم . إنها البشاعة التي تذبح الذوق من الوريد الى الوريدوتحط بالإنسان الى مادون مستوى الحيوان . الذوق هو ان تتحسس الجمال الذي لا نصيب له على الإطلاق في الشتيمة والغضب والخصام والكيد والتشفي بشقاء الآخرين . لعل أغرب مايواجهك من الناس هو ان تراهم يبالغون في العناية بأجسادهم ، كل على قدر معرفته واستطاعته . أما الميول والشهوات والنزوات التي تسكن أجسادهم فقلما يلقون إليها بالاً ولو كان لها شكل ورائحة لتقززت من هول منظرها العيون وسدت دونها الأنوف . لا يكون الذوق الرفيع إلا حيث تكون التربية الجمالية الرفيعة . وهذاقلَما يهتم بها معلم في مدرسة أو عالم دين أو والد او والدة في بيت . فالجمال موطنه نفسك وهناك سريره وهناك غذاؤه ومأواه . إن محبة النفس هي العامل الأعظم والأهم في الوجود. وأنت متى اتسع نطاق محبتك اتسع نطاق الجمال في حياتك . لأنك لا تستطيع أن ترى قباحة في ما تحب . ولا جمالاً في ما تكره . وعلى قدر ما يتسع نطاق الجمال في حياتك يتسع ذوقك ويتسامى ....