جاءَ في الموسوعة العربيَّة العالَمية تعريفُ الذاكرة لدَى الإنسان الذاكرة هي القُدرة على تذكُّر شيءٍ سبَق تعلُّمه، أو سبَق اكتسابُ خبرة فيه؛ لذلك تعتبر الذاكرة جزءًا حيويًّا في التعليم فإذا لم تتذكَّرِ الماضي فإنَّك بالتالي لن تستطيعَ أن تتعلَّم أيَّ شيءٍ جديد فكلُّ ما تحصُل عليه مِن خِبرة تفقده بمجرَّد الانتهاء منه وكل شيءٍ جديد سيكون غريبًا تمامًا، وبدون الذاكرة ستكون الخِبرة متكرِّرة طبقًا لحدوثِها للمرَّة الأولى وبناءً على ذلك يَفقِد الفردُ إحساسَه بالسعادة التي اكتسبها خلالَ حياته وكذلك مظاهر السعادة السابقة، ومثل ذلك الحُزْن الذي عاشَه جهاز الذاكرة: يُقسِّم علماءُ النفس جهازَ الذاكرة إلى ثلاثِ مراحل مختلفة، طبقًا للزمنِ الذي تستغرقه كلُّ مرحلة، وهذه المراحل هي: 1- ذاكرة الإحساس. 2- ذاكرة المدى القصير. 3- ذاكرة المدى الطويل. ذاكرة الإحساس: ويُمكنها أن تستوعبَ المعلوماتِ ذات اللحظات السريعة، فعند رؤيةِ صورةٍ لجبَل مثلاً، فإنَّ المعلوماتِ الخاصَّةَ بالجبل ستمرُّ مِن خلال عينيك إلى ذاكرةِ الإحساس التي تستوعب التصوُّرَ الحقيقي للصورة، ولكن هذه الصُّورة تَتلاشَى وتختفي في أقلَّ مِن ثانية، ولكي تبقى هذه المعلومات يجب عليك أن تَنقُلها سريعًا إلى ذاكرةِ المدى القصير. ذاكرة المدى القصير: ويُمكنها أن تستوعبَ الحقيقةَ ما دُمتَ تُفكِّر فيها، وأنت تستخدم ذاكرةَ المدى القصير عندما تبحث مثلاً عن رقْم هاتف، وتظلُّ تُردِّده في نفسك إلى أن تقومَ بالاتصال بمَن تريد، وإذا لم تقمْ بترديد المعلومات، فإنَّها ستختفي من الذاكرة في خلال 20 ثانية، ولكن هناك بعض المعلومات تَنتقِلُ مِن ذاكرة المدى القصير إلى ذاكرة المدى الطويل، حيث تبقَى هناك طويلاً. ذاكرة المدى الطويل: ويُمكِنها أن تستوعبَ كميةً هائلة منِ المعلومات قد يستمرُّ بعضها مدَى الحياة أننا نجهل معنى العلم ونجهل أكثر كيف نصل إلى العلم ونجهل أكثر كيف نحتفظ بهذا العلم! العلم كالشجرة لها أصل وأساس ولها جذع وفروع ولها أغصان وأوراق وكما تتفاوت الأشجار يتفاوت العلم عند الناس فبعض الناس عنده العلم راسخا كالشجرة التليدة الراسخة منذ آلاف السنين لا تتأثر بالعوارض! وبعض الناس عنده العلم بازخا عاليا ولكن أصله ضعيف إذا أتته ريحُ الشبهات وعواصف المشككات انقلعت شجرته من أصلها! وبعض الناس عنده علم كثير بغير أساس كالشجرة الكثيرة الفروع والأغصان إذا كانت مقطوعة من الأرض! وبعض الناس عنده العلم الراسخ ذو الأصول والفروع كالشجرة الكبيرة ذات الأغصان الكثيرة، ولكنها بلا ثمر لا تفيد الناس شيئا ولا تستفيد! وبعض الناس عنده العلم الراسخ الذي يستخدمه في الضلال والإضلال، كالشجرة العظيمة تأخذ من الأرض ماء وغذاء طيبا، فتخرج ثمرا خبيثا يتأذى منه الناس ريحا ومنظرا! وبعض الناس عنده العلم الراسخ كالشجرة الطيبة، ذات الأصول المركوزة، والفروع المنثورة، والأغصان الوارفة، والثمار اليانعة، تأخذ طيبا فتعطي طيبا، يأكل منها الناس فيحمدوها طُعما وريحا، فإذا ما صارت عجوزا وآذنت بالرحيل طفق الناس يأخذون من بذورها ما يستعملونه مزدرعا لهم في الأرض التي تخرج بعشرات الأشجار الأخرى الطيبة التي تنفع الناس أيضا، ويستمر العطاء! والمتون لطالب العلم كهذه البذرة لهذه الأشجار عليها تُبتنى الشجرة العظيمة وبها يزداد كل يوم فروعا وأغصانا تستمد نورها من أصل هذه البذرة فالورقة لا تصلح بغير غصن والغصن لا يصلح بغير فرع والفرع لا يصلح بغير جذع والجذع لا يصلح بغير أصل الشجرة فالمتون هي التي تجمع العلم في رأس الإنسان فيستطيع أن يستحضر ما يشاء بسهولة! والمتون هي التي تضمن للإنسان أن لم يفته شيء من أصول العلوم! والمتون هي التي تفرق بين الطالب الذي يشتغل بالفروع بغير تأصيل وبين صاحب التأصيل الأصيل! والمتون هي التي تختصر عليك أعماراً بَذَلَها من قبلك علماؤنا حتى أتوك بالزبدة والخلاصة التي تحتاج أنت إلى أضعاف أضعاف عمرك حتى تحصلها وحدك! والمتون هي التي تبقى معك بعد سنوات طوال من القراءة في كتب لا تلبث أن تنساها! والمتون هي التي تجعلك واثقاً من كلامك ! والمتون هي التي تجعل لكلامك حلاوة وطلاوة، فيكون له وقع عند العامة والخاصة! والمتون هي الشهادة التي لها قيمة حقيقية في زمن كثرت فيها شهادات الزور! والمتون هي الأساس الذي تستطيع أن تسقيه كل ما تحصله من ماء العلم الطيب فيرسخ في ذهنك، بدلا من وضع هذا الماء في قيعان لا أصل لها فلا يكاد يبقى منه شيء! وآخر الكلام وصية علماؤنا كان علماؤنا الأجلاء يوصون بحفظ المتون ويقولون دائما: من حفظ المتون حاز الفنون الله يديم علينا نعمته وان يسهل لنا امرنا في طلب العلم الراسخ الذي لايزول العزيزي المغترب