رفض الزعيم الخالد سعد زغلول رشوة كبيرة عرضها عليه الانجليز.. و لم تكن الرشوة مالاً، و لا إقطاعية .. بل كانت أكبر من ذلك كثيراً.. و السطور التالية ستجيب عن كل التساؤلات التي ولابد إنها تدور الآن في ذهنك عزيزي القارئ.. "في عدن.. قضى المنفيون المصريةن الليلة الأولى و الثانية في ثكنات الجيش البريطاني هناك.. و أحس سعد زغلول بالتعب، و طلب أن يسمح له ولزملائه بالتنزه في المدينة و لكن الإنجليز رفضوا.. و إن سمحوا بالتنزه في حديقة المعسكر الإنجليزي و كان سعد زغلول يخرج كل صباح و معه الأستاذ مكرم عبيد، للنزهة يصحبه أحد الضباط الإنجليز. و كان سعد يصر على إصطحاب مكرم عبيد معه، لأنه لم يكن يعرف الإنجليزية التي يجيدها مكرم. و ذات يوم قدم الضابط الإنجليزي ساهم الفكر شارد البال، و طلب إلى سعد زغلول النزول من حجرته. فقال له: إلى أين؟ فقال الضابط الإنجليزي: ألا ترى أن تتنزه في الحديقة قليلاً؟ فقال سعد: بلى! و نادى سعد مكرم عبيد، و لكن الضابط الإنجليزي قال لسعد: أنا أريدك بمفردك.. و لا أريد هذا الشاب معك.. فقال سعد: و لكنني لا أتحدث الإنجليزية.. فقال الإنجليزي: إذن سأحادثك بالفرنسية.. و أصر الإنجليزي أن ينفرد بسعد.. و سار الإثنان في حديقة المعسكر زهاء نصف ساعة .. عاد بعدها سعد زغلول.. و كان مكرم عبيد في انتظاره.. فسأل: ماذا كان يريد منك هذا الإنجليزي؟ فأجاب سعد: كان يعرض عليّ أكبر رشوة في التاريخ؟ فزادت لهفة مكرم و سأله: و ما هي تلك الرشوة؟ فأجاب: التاج يا بني.. هذا الإنجليزي لا يعرف سعد جيداً.. ظنه من أولئك المرتزقة الذين يبيعون أوطانهم لقاء عرض زائل! لقد قال لي: أنت زعيم عظيم، و رجل ذو مواهب فذة.. و محبوب من الشعب المصري.. و أنت في الوقت ذاته محل تقديرنا.. فلماذا ترضى بأن تكون تابعاً و مسوداً؟ لماذا لا تكون أنت سلطان البلاد؟ فقلت إن في البلاد سلطاناً! فأجاب: اسمع يا مستر غلول إنني أعرض عليك عرضاً بإسم انجلترا أنها على استعداد أن تنصبك سلطاناً على مصر! و تطرد أحمد فؤاد، السلطان الحالي.. على أن تترك السياية و مناوأة انجلترا.. و طبعاً هذا العرض لا نظير له في التاريخ، و لكن انجلترا تتوسم فيك سعة الأفق و القدرة الفائقة.. اقبل هذا العرض، مقابل شرط واحد، هو أن تمتنع عن الإشتغال بالسياسة.. و أجبت الضابط الإنجليزي قائلاً : هذه أكبر رشوة سمعت بها و لكن إليك أبلغ رد أغربه عليه: إن سعداً لا يقبل أو يكون مطية، و لا يقبل السلطنة، لأنه يعتز بوضعه و مركزه من الشعب المصري، و هو أقوى من مركز السلاطين.. فوفر على بلادك مغبة هذا العرض.. و لن أترك السياسة حتى أحرر بلادي من استعماركم لها ..
لتواصل abomajeda@