صدفة ليست كمجرد صدفة في سفر أو في مناسبة أو في نزهة بل هي صدفة من نوع آخر جمعت بين ثلاثة رموز من ابرز الشخصيات في ثلاثة فروع رئيسية في بني عبد الله من مطير لا احد منهم يلتقي بالآخر في صلة نسب ولا في جيرة سكن ولا من اجل مصلحة والقاسم المشترك بينهما هو بروزهما بين مجتمعاتهم وما تناقلت به الركب من أخبارهم وإذاعة صيتهم فلو جيت أعدد ما يتمتعون به من مزايا ومناقب حميدة ما استطعت حصرها وإنما هذه الشخصيات أثرت المنطقة بالشعر و المعرفة والحكمة والكرم ودماثة الخلق وسلاسة المنطق والصراحة في القول والعمل وفي بدايات تعيين المناصيب على القرى والهجر من قبل دولتنا الرشيدة شاءت قدرة الله أن احد هذه الشخصيات يقتل رجلاً ثم يلوذ بالفرار ويحل ضيفاً على صاحبيه بدون سابق معرفه وقام بإخبارهم بما حدث وأنه دخيلاً عليهم من ثلاث جهات تطالبه وهم خدام المنصوب وأهل المقتول و الناس الذي طلبوا من اجله وهنا المحك الصعب حيث تظهر أصالة المعدن ويبرز الدهاء والحنكة وتبرز النخوة والتضحية في أحلك الظروف ويذكرني الموقف بقول الشاعر :يا مكثر الأصحاب حين تعدهم ***ولكنهم فالنايبات قلائلوبثبوت الجبال وعزيمة الكواسر رحبوا به وأعطوه الأمان وقاموا بإخفائه بعيداً عن الأنظار في منطقه وعرة لا يمر بها أحد يتناوبون بينهما زيارته وتمويله بالزاد والشراب والمسامرة حتى يخففون عنه ما ألم به معرضين أنفسهم للخطر ومضحين بمصالحهم مقابل ما تمليه عليهم عروبتهم من شيم وقيم وإغاثة الملهوف وتحمل المصاعب في سبيل ذلك. ومع مرور الوقت انضم إليهم رجل يدعى سواعد الهريساني لا تحضرني سيرته إلا انه مطالب بقتل وهنا كبرت المسئولية وزادة الطينة بلــّه ولكن لم يتغير في الأمر شيئاً عند هؤلاء الرموز فواصلوا سيرهم على ما هم عليه وبعد فترة من الزمن وبفعل فاعل صارت تدور حولهم الشبهة فأرسل المنصوب خدامه إليهم لاستجوابهم وأودعهم السجن وهنا صعبت المهمة على المطلوبين كيف يواصلون الهرب والذين أسدوا إليهم المعروف في قبضة العدالة فقرروا أن يسلما أنفسهم كل على رغبته والطريق الذي يسلكه فتمثل صاحبنا الأول بقصيدته المشهورة الذي من ضمن أبياتها: ميزت وان اللي يريد الله يأتـــي *** لو كان ممشى غربتي عشر سنواتي لا مقّربٍ فأجلي ولا مخّر حياتي *** والموت فالبلعوم من فــــــــــرع الزرار ثم توجه إلى محافظة المهد متخفياً تحت جنح الظلام قاصد مقر الحاكم الإداري وعندما وصل إلى خارج السور طرق الباب فسمع صوت من الداخل فلم يرد عليه إلا في المرة الثالثة رد بعبارة غير مفهومة لأنه يريد مقابلة المنصوب شخصياً وفتح الباب وتقابلت الوجيه في ليل مظلم ووقت متأخر ولا احد يعرف احد قال المنصوب من أنت يا رجل فرد صاحبنا بهذا البيت الذي يحوي من المعنى مالا تحويه ملحمة من الشعر ولا صفحات مسطرة من النثر: أنا محمد وأنا ضاوي وأنا سالم وأنا معتوق أساميّ أربعة والكل منها ابرك من الثاني فقال المنصوب أنت محمد العرافة العزيزي قال هو بشحمة ولحمة قال وش اللي جابك في هذه الساعة قال جيت أبغى الذكاة وأخرج من دخل التوقيف بسببي قال حياك الله وقام بإكرامة ونام عنده حتى الصباح ثم اصطحبه معه للدوام ومن ثم أمر بإجراء اللازم. وعندما دخل باب التوقيف قابل رجل عزيز عليه فعاتبه الرجل لماذا تسلم نفسك فرد عليه بهذه الأبيات: يا كليب روح فمان الله *** خل الضباب المغاليقي لن مت أنا في سبيل الله *** مفطر ولاني على ريقي كان الحكومة تخاف الله *** سلمت ما فيه تبريقي وأميرنا وإن هداه الله *** صقر ٍ يخل الأراويقي وهنا إلتم الشمل بين المطلوبين من جهة والموقوفين بتهمة التستر من جهة أخرى فأقيم لهم بهذه المناسبة حفلة عشاء تخللها بعض المساجلات الشعرية بين الطرفين يا بعارين نجد منين متليمين *** يا سباع ٍ ترش الناس بأسبابها يا بعارين نجد اللي غدت ذا السنين *** اختفت في ذكرها لين الدور جابها الرد ابشر ان حضرنا وانتم السالمين *** والجمل جاك للحملة وزوزابها لك بناخي همز قلبه إبليس اللعين *** البلاء جاك من ديرتك وذبابها أما فرسان هذه القصة الذي لم نتعرف عليهم بعد هم : الأول- هو الشيخ علي بن زياد النصافي الشلاحي وهذه الشخصية لا تحتاج إلى تعريف تقف العبارات والأقلام عاجزة أن توفيها حقها وإنما اكتفي بهذين البيتين : وراك يا مطلق ما تجي خالك *** وراك ما تجي خوالك يا ضعيف سوات زياد النصافي دون خالك *** يوم احتمى عانيه بالحد الرهيف من قصيدة طويلة للشاعر جبرين النحيلي : يا علي بن زياد يا ذابح الحيل *** يا مقري الخطار سمن وسمينا شاكي عليكم يا زبون الحلاحيل *** واشكي على مثلك من الغانمينا الثاني - هو الشيخ خليوي بن مرضي الهجلة الصعيبي وهذه الشخصية لا تقل عن الشخصية الأولى ولها أهمية ولذلك أورد هذه القصة : في يوم من الايام ذهب الشيخ خليوي وبعض رفاقه إلى شمال قرى وادي حجر يبحثون عن إبل غادية وعندما غربت الشمس بدوا بالبحث عن المعازيب فوجدوا الشيخ فلاح بن طما الاسلمي الحربي نازل في خشم عرف رحب الشيخ فلاح بضيوفه وانشغل في إعداد القهوة والعشاء ولكن الضيوف حدث عندهم أمر وهو أن احد رفاق خليوي بينه وبين الشيخ فلاح وقفة خاطر لم يعلم عنها خليوي من قبل فقال أعطوني فرصة وتنحل إن شاء الله وعندما اقبل الشيخ فلاح قال خليوي اسمع يا فلاح قال تفضل : يا راكب اللي يوسع صدر ركابه *** ما عقبوه الرديف من الجواذيبي مزين ٍ بالهدب ومصلحة آدابة *** ومدربينه على حسن الهناديبي ينصى فلاح الأمير وربعه اقرابه *** آلاد منقاش موفين المواجيبي تلقاه في خشم عرف مثبت أطنابه *** عيد الرفاقه ومدهال الاجانيبي فهم الشيخ فلاح الهدف واعتبر الموضوع شيئاً لم يكن ورد بهذه الأبيات: يا مرحبا يا هلا والضيف نشقابه *** نفرح ليا جو مفتلت الأشانيبي حنا ليا جاء الزمان اللي يحلابه *** نثني سوات الصقور أم المخاليبي والذيب يسري سواد الليل لوصابه *** الذيب يسري وياصل ماقع الذيبي لا واحليل الجواب وحل من جابه *** يا صقر ياللي تعدي فالمراقيبي وانتهت هذه القصة بصفاء النفوس وسلامة القلوب وطيب الخطـّر بفضل من الله ثم نباهة هذا الرجل الموفق لفعل الخير. ومثل هذه الشخصيات وغيرها الكثير عفا على مناقبها الزمن وسوف تندثر مع مرور الوقت تماماً وان كتابتي لهذه الأسطر ما هي إلا تطفل لعل وعسى ينتبه من لديه القدرة على القيام بهذا العمل ويتبنى فكرة تدوين مناقب النبلاء والحكماء والشعراء في القبيلة خاصة وفي الجزيرة بوجهٍ عام. اخوكم المعتني بتاريخ وتراث مطير في حجر والحجاز ابومولع / مزلب مسلم العزيزي المطيري