اخي / احمد لو جعلتني اتحدث عن الخط الجميل فإن لي همسه في اذن اصحاب الخط الجميل لأسباب لن نخوض فيها الآن ازدهرت كتابة التقارير في النصف الثاني من عقد السبعينيات وعقدي الثمانينيات والتسعينيات، ذلك قبل أن تنحسر بحصول بعض الانفراجات في السنوات الأخيرة، وأقصد في العقد الأول من الألفية الثالثة التي نعيش فيها وتنتشر موضة الحديث عن الشفافية. كان الناس عندنا يتهامسون فيما بينهم عندما يحلّ بينهم شخص مشكوك في أمره: (انتبهوا.. هادا خطه جميل، أو خطه حلو)، ويتوقفون عن الحديث في الأمور التي قد تسبب لهم شيئاً من وجع الرأس فيما لو تناول أخونا بالله صاحب الخط الحلو أو الجميل قلمه بعد انصرافه من عندهم و(نفضهم) تقريراً من كعب الدست يخرب البيوت العمرانة قوّلهم فيه كلاماً لم يقولوه أو أضاف من عنده كلاماً إلى الكلام الذي تحدثوا به أو ملّح الحديث وأضاف إليه بعض البهارات ليبدو خطيراً أو يتصف ببعض الخطورة أو لفّ ودار ليصنع من الحبة قبة ويلحق أكبر أذى ممكن بالمكتوب فيهم. أقول إنه لم تعد لخطوط مثل هؤلاء أية قيمة مادية بعد الانفراجات المذكورة ومداعبة الشفافية على هذا النحو العلني، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة من فضائيات وخليويات وإنترنت الذي جعل من أي خبر مهما كان صغيراً أن يصل إلى أقاصي الأرض ببضع ثوان.. أما بالنسبة إلى جماليات الخط فلم تعد لها أية قيمة أيضاً، بعد أن حلّ جهاز الكمبيوتر هذه المشكلة.. فإذا كان الواحد من هؤلاء يكتب بخط الثلث أو النسخ أو الديواني أو الرقعي أو الكوفي أو الفارسي الخطوط المعروفة لدينا، فإن جهاز الكمبيوتر إضافة إلى تخزينه مثل هذه الخطوط فإنه اشتق عشرات الخطوط الأخرى منها.. القيمة الوحيدة التي بقيت لمثل هذه التقارير هي نشر الشائعات وإثارة البلبلة وتعطيل الناس عن شغلهم..علماً بأن تقارير كهذه لا تجد صعوبة في وصولها إلى مقاصدها فوراً بعد استخدام البريد الإلكتروني أو الفاكس وسواها من خدمات الاتصال الأخرى تقبل مروري اختك فجر