المذكرة الاولى (( اللغة العربية )) تعودنا أن نسمي اللغة العربية ( لغتنا الجميلة ) و ( لغتنا الساحرة ) ، حتى نسيناأنها – قبل هذا و بعده – ( لغتنا الدقيقة) سُحرنا بجمال الشعر و روعة النثر في تراثنا فنسينا أن لغتنا استطاعت بكفاءة نادرة أن تحمل اصطلاحات الشريعة والمنطق و الفلسفة و الفلك و الطب و الرياضيات و علم الصوتيات . فهل هناك لغةتضاهي اللغة العربية في دقتها . . لقومٍ يتأملون ؟ تريدون بعض الأمثلة ؟ تفرق لغتنا بين مراتب الحسن في المرأة : فإذا كانت بها مسحة من جمال فهي وضيئة و جميلة . فإذا أشبه بعضها بعضاً في الحسن فهي حسانة . فإذا استغنت بجمالها عن الزينة فهي غانية . فإذا كانت لا تبالي ألا تلبس ثوباً فاخراً فهي معطال.فإذا كان حسنها ثابتاً فهي وسيمة . فإذا قسم لها حظ وافر من الحسن فهي قسيمة . فإذا كان النظر إليها يسر الروع فهي رائعة . فإذا غلبت النساء بحسنها فهي باهرة . و للغرام في لغتنا الدقيقة مصطلحاته المحددة . . فأول مراتب الحب : الهوى ثم العلاقة ثم الكلف ثم العشق فاللوعة فاللاعج فالشغف فالجوى ثم التيم ثم التبل ثم التدليه ثم الهيوم . و الجنون في لغتنا الدقيقة فنون : فإذا كان بالرجل أدنى جنون فهو موسوس . فإذا زاد فهو ممرور فملموم فممسوس . فإذا استمر فهومعتوه و مألوق و مألوس . فإذا تكامل من ذلك كله . . فهو مجنون و العياذ بالله . و من أراد المزيد من الأمثلة فليطلبها في الكتاب النفيس فقه اللغةللثعالبي . لقد استطاع الإسرائيليون أن ينفخوا الروح في العبرية و هي لغة ظلت ميتة عبر القرون حتى أجبروها على دخول القرن العشرين . و تمكن الصينيون واليابانيون من الإبداع العلمي و الأدبي عبر لغة عسيرة لا تحتوي على حروف ويضطر متعلمها إلى حفظ مئات النقوش و الرسوم . و نحن لدينا تراث هائل لايحتاج إلا إلى من ينفض الغبار عنه . ترى متى نكون جديرين بلغتنا؟ نتجاهلها..ولا حتى الوقوف أمام عتبات محرابها .. نغتالها في اليوم عشرات المرات .. ثم نتباكى أنها شاخت ولم تعد نبع عطاء. وننسى حقيقة بسيطة جدا .. أننا كي نأخذ، لا بد أن نعطي أولا. وجميلتنا مطلبها بسيط .. فقط أن نكف عن إهانتها فهلا حاولنا؟