أيوب عليه السلام نبى من أنبياء الله العظام الذين جاء ذكرهم فى القرآن الكريم يعرفه العام والخاص ، فحين يضربون مثلا للصبر يقولون " صبر أيوب " فيا تُرى ما قصةُ أيوب عليه السلام أيوب عليه السلام من ذرية يوسف عليه السلام ، تزوج سيدة عفيفة . كآنآ يعيشان فى منطقة " حوران " وقد أنعم الله عليه بنعم كثيرةفرزقه بنينًا وبنات ، ورزقه أراضى كثيرة يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار ، كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة ، آلاف من رءوس الأبقار ، آلاف رءوس من الأغنام ، آلاف من رءوس الماعز وأخرى من الجمال . وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة كان أيوب عليه السلام ملاذًا وملجئًا للناس جميعًا وبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه أنه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئًا . و لا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا ، و بلغ من كرمه عليه السلام أنه لم يتناول طعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا . هكذا عاش أيوب عليه السلام يتفقد العمل في الحقول والمزارع ، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال ، وزوجته تطحن وبناته يشاركن الأم . وأبناء أيوب عليه السلام يحملون الطعام ويبحثون عن الفقراء والمحتاجين من أهل القرية ، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضى والحقول . و أيوب عليه السلام يشكر الله ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عن كل شر . أحب الناسُ أيوب عليه السلام لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه ، ويساعد الناس جميعاً ، ولم يتكبر بما لديه ، من مزارع وحقول وماشية وأولاد . كان يمكنه أن يعيش في راحة ، ولكنه كان يعمل بيده ، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل فى بيتها / \ راح الشيطان يوما يوسوس للناس يقول لهم : إن أيوب يعبد الله لأنه أعطاه هذا الخير العميم والفضل الكثير من البنين والبنات والأموال من قطعان الماشية والأراضى الخصبة ! فأيوب يعبد الله لذلك وخوفا على أمواله . ولو كان فقيرًا ما عبد الله ولا سجد له ! ووجد الشيطان من يسمع له ويصغى لما يقول من وساوس فتغيرّت نظرتهم إلى أيوب عليه السلام وأصبحوا يقولون : إن أيوب لو تعرض لأدنى مصيبة لترك ما هو فيه من الطاعة والإنفاق فى سبيل الله ألا ترون كثرة أولاده وكثرة أمواله وكثرة أراضيه المثمرة ، فلو نزع الله منه هذه الأشياء لترك عبادة الله بل سينسى الله !! ورويدًا رويدًا .. تحول أهل حوران إلى ناقمين على أيوب عليه السلام بعدما كانوا يحبونه حبا جما ! وأصبحوا يرون أيوب عليه السلام من بعيد فيتحدثون عنه بصورة مؤذية . / \ ومن هنا بدأت الابتلاءات من الله تعالى فبينما كان كل شيء يمضي هادئاً ، فأيوب عليه السلام حامدًا شاكرًا ساجدًا لله تعالى على نعمه الكثيرة ، وأولاده ينعمون ويشكرون الله ، والعمال والعبيد يعملون في الأراضي والمزارع . وزوجة أيوب عليه السلام كانت تطحن في الرحى . وبينما الجميع فى عافية من أمره مغتبطًا مسرورًا ، إذ وقعت الابتلاءات والمحن ! / \ حيث بدأت بهجوم اللصوص على أراضي أيوب عليه السلام وقتل كل الرعاة والفلاحين وسرقة المواشي تاركين خلفهم دماء الرعاة تمشي على الأرض ! وتبعها أن نزلت الصواعق من السماء على أحد الحقول التابعة لما يملكه أيوب عليه السلام واحترق معها كل شيء الحقول والمزارع وأصبح كل شيء رماداً وما كان من أيوب إلا الصبر والإحتساب وأمر الخدم والعبيد بمغادرة منزله ، والرجوع إلى أهاليهم والبحث عن عمل آخر . وتبع كل ذلك مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال ! مات جميع أولاده البنين والبنات ، حيث اجتمعوا فى دار لهم لتناول الطعام فسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا . وازدادت محنة أيوب عليه السلام أكثر وأكثر فلقد اُبتلى فى صحته ، وانتشرت الدمامل فى جسمه ! وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع . أصبح منزله خالياً لا مال له ، لا ولد ، ولا صحة !! ومع كل ذلك إلا أنه صبر واحتسب وازداد الأمر سوءا حين اتجه الشيطان إلى أهل حوران ينفث فيهم الوساوس حتى جعلهم يعتقدون أن أيوب عليه السلام أذنب ذنباً كبيراً فحلّت به اللعنة . ونسج الناسُ الحكايات والقصص حول أيوب عليه السلام ، حتى ظنوا أن في بقائه خطرًا عليهم ، وعقدوا العزم أن يخرجوا أيوبَ من أرضهم ، وفعلا أخرجوهـ من منزله ، ناسين إحسانه عليهم وأفضاله السابقة عليهم وما كان منه عليه السلام إلا أن يفوّض أمرهـ إلى الله هكذا وصلت إبتلاءات أيوب عليه السلام من آلام الوحدة والضعف والمرض إلى تخلي الجميع عنه وبقاء زوجته الوفية وحدها معه ضاقت به الأحوالُ فمات الولدُ وجفَّ الخيرُ وتصالحت الأمراض والبلايا على جسمه ، فقعد لا يستطيع أن يكسب قوت يومه . / \ كانت زوجة أيوب عليه السلام تستمدّ صبرها من صبر زوجها وتحمّله . وأعدت لأيوب عليه السلام عريشًا فى الصحراء يجلس فيه وكانت تخاف عليه من الوحوش والحيوانات الضالة ، وخرجت لتعمل في بيوت حوران ، تخدم وتكدح في المنازل لقاء قوت يومهما . بحثت عمّن يستخدمها في العمل ، ولكن الأبواب قد أُغلقت في وجهها ومع ذلك لم تمدّ يدها لأحد . وتحت ضغط الحاجة والفقر ، اضطرت يوما أن تقص ضفيرتيها لتبيعهما مقابل رغيفين من الخبز . وقد غضب كثيرا أيوب عليه السلام من فعلتها هذه إذ ماكان ينبغي لها فعل ذلك !! وعلى الرغم من أن زوجته طلبت منه كثيرا أن يدعوا الله لكى يزيح عنه هذا البلاء الذى استمر هذه السنوات العديدة وفي كل مرة يرفض أن يشكو حاله إلى الله تعالى !! وتحمّل المرض والبلايا / وتحمل اتهامات الناس / إلا أن بيع زوجته لضفيرتيها هزه من الداخل فمآ كآن منه إلا أن يننظر إلى السماء ويقول : يا رب إنّي مسّني الشيطان بنصبٍ وعذاب . يا رب بيدك الخير كله والفضل كله وإليك يرجع الأمر كله . ولكن رحمتك سبقت كل شئ . فلا أشقى وأنا عبدك الضعيف بين يدك . يا رب إني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين . / \ وهنا .. رأى أيوب ملاكاً يهبط من السماء يسلم عليه ويقول : [ نِعم العبد أنت يا أيوب إن الله يقرئك السلام ويقول : لقد أُجيب دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين اضرب برجلك الأرض يا أيوب واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله ] / \ شعر أيوب بالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض ، فانبثق نبع بارد عذب المذاق فارتوى من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه لقد خلع أيوبُ عليه السلام ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباً تليق به ، يملؤها العافية والسؤدد بإذن الله تعالى . وشيئاً فشيئاً ازدهرت الأرض من حوله وأينعت . عادت الصحة والعافية عاد المال ودبت الحياة من جديد !! حتى أن زوجته لما عادت وجدت رجلاً يفيض وجهه نعمة وصحه وعافية . لم تعلم أنه أيوب عليه السلام لكنها قدرة الله جعلتها تصدّق فأمرها عليه السلام أن تغتسل فى النبع ، لكى يعود إليها نضارتها وشبابها . فاغتسلت في مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية . ورزقهما الله بنينا وبناتا من جديد ووفاء بنذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من حشيش البهائم ، ثم يضربها به فيوفى يمينه و لا يؤلمها ، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير / \ كان أيوب عليه السلام واحدًا من عباد الله الشاكرين فى الرخاء ، الصابرين فى البلاء ، الأوَّابين إلى الله تعالى فى كل حال . عَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب عليه السلام وأيقنوا أن المرض والصحة من الله وأن الفقر والثراء من الله وأن المؤمن عليه أن يعبد الله في حال الرخاء والشدة وعليه أن يصبر ويحتسب ويوّكل أمره إلى الله تعالى (فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الأعراف آية 176 / \ قد سجل الله قصة أيوب عليه السلام فى القرآن الكريم فقال تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) سورة الأنبياء الآية : 83 و 84 وقال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) سورة ص الآية : 41 ـ 44 يقول المصطفى عليه السلام : (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) / \ أين نحن من صبر أيوب عليه السلام ؟ ومآ همومنآ تلك جوآر همه وابتلاءآته ! ربي آجعلنآ من الصآبرين الشآكرين المتوكلين المحتسبين الطآمعين بعفوك وجودك وكرمك وإحسانك آرحمنآ يا الله وآرزقنآ صبراً كـ صبر أيوب والحمدلله حتى ترضى /