كسى ثوب الظلام الدامس جسد المدينة , فهرع جميع سكانها خلودا لرحلة السبات العميق وان كنت قد سبقتهم الى تلك الرحلة دون أن أمر بتلك الأحداث بسبب ماحصدته من تعب النهار دق رقاص الساعة انها الثالثة صباحا انشق جفناي استعدادا لفتح عيناي لمشاهدة ماجرى , مازال الظلام يغطي المكان , الا أن هناك نورا صغيرا يتصدر مكانه خلف النافذة شعرت بالخوف للحظة ما فتقدمت قليلا وسمعت صوت نبضات خفيفة , فتحت النافذة واذا هي سوسنتي الجميلة تجلس وحدها ناظرة الى االسماء العالية وكأنها تبحث عن شيء ما اقتربت منها وجلست اليها وكاننا نعيد توقيع صفقة جديدة للصداقة , بدأنا نتجاذب أطراف الحديث سوية فاتفقنا أن نلعب معا لعبة الصراحة , ابتداءا بها هي فقالت : كنت أسير مع الأيام جنبا الى جنب دون اكتراث باي شيء , الى أن حضر طائر السنونو ذات مساء بعد أن ضل طريقه الى موطنه فجلس الى جانبي يحدثني فظننا وقتها أننا التقينا قبلا ,وكأننا تعرفنا منذ زمن بعيد , هكذا ابتدأنا فصرنا نلتقي هنا كل يوم الى أن أصبحنا رفيقين حميمين صمتت قليلا وقالت لي بصوت نابض بالحزن :غادرني صديقي دون النطق بكلمة واحدة , رأيت في عينيها قطرات ندى أيلة للسقوط , وقبل محاولتي أخذها بين يدي, سقطت قطراتها لتروي عطش الحديقة الجافة كان منظرها رائعا وقت السحر زينت عينيها قطرات الندى , قرأت ذات مرة أن دموع العين تزيد الجاذبية ولكنني في هذه الليلة أدركت ذلك فعلا بقيت أناظر عينيها وربما غفيت عيوني وأنا أراقبها , فكان صوت أذان الفجر , هو الفاصل لاستيقاظي وخلع ثوب الظلام وارتداء ثوب شروق الفجر استأذنتها الذهاب لأداء شعائر الفجر , فسرت في أرجاء الحديقة لأجدها زينت بأزهار الياسمين النابتة على أثر قطرات الندى الساقطة من عيونها لله درك ياسوسنة ماأعظم وفائك , ولله درك ياطائر السنونو ماأبهاك , فلو لم تستحق تلك العبرات لما سارت قطرات الندى من عيون السوسنة …………….. لتحول حديقة جافة الى حديقة غناء