أبو بكر الورَّاق قال: سأل المأمونُ عبد الله بنَ طاهر ذا الرِّياستين عن الحبّ ما هو فقال: يا أمير المؤمنين إذا تقادحتْ جواهر النُّفوس المُتقاطعة بوَصْل المُشاكلة انبعثت منها لمْحَة نور تَسْتضيء بها بواطنُ الأعضاء، فتحرّك لإشراقها طَبائع الحَياة فيتصوَّر من ذلك خَلْق حاضر للنَّفس، مُتَّصِل بخَواطِرها يُسمى الحب وسُئل حمَّاد الراوية عن الحبّ، فقال: شَجرة أصلُها الفِكْر، وعُروقها الذِّكر، وأغصانُها السَّهر، وأوراقُها الأسقام، وثمرتُها المنيّة وقال مُعاذ بن سَهْل: الحبُّ أصعبُ ما ركب، وأسْكر، ما شُرب، وأَفْظع ما لُقِي، وأحْلَى ما اشتُهي، وأَوْجع ما بَطَن، وأشهى ما عَلَن و كما قال الشاعر: وللحُب آياتٌ إذا هي صَرّحت ... تَبَدَّت علاماتٌ لها غُرَرٌ صفْرُ فباطِنُه سُقْم وظاهِرُه جَوَى ... وأوَّلُه ذكر وآخره فكر وقالوا: لا يكن حُبّك كَلَفا، ولا بغْضك سَرَفا وقال بشَّار العُقَيْليِّ هل تَعْلَمِينَ وَراء الحُبّ مَنزلةً ... تُدْني إليكِ فإنّ الحبَّ أقصَانِي وقال غيرُه: أُحِبّكِ حُبا لو تحبينَ مِثْلَه ... أصابك من وَجْدٍ عليّ جُنُونُ لَطِيفاً مع الأحْشاء أمّا نهارُه ... فدَمْعٌ وأمّا لَيْلُه فأنِين