.. اتق غضب الحليم .. الحليم شخص احتملَ الكثيرَ من أجل أن يبقى على رزانته و هدوء باله و حصافة عقله ، فلم تغيره مزعجات الليالي و لم تزلزله تصرفات الناس ، لأنه متمتع بسيِّد الأخلاقِ فكان من سادة الناس ، لذا فهو مفزعُ الكبراءِ ، و ملجأُ العامةِ ، و مجلسه معمورٌ مشهورٌ ، حيثُ تكون الحكمةُ منقولة ، و الأخلاق الرفيعة مبذولة . و حيثُ لكل شيءٍ منتهى ، فإنَّ حلمَ الحليم له حدٌّ ينتهي إليه ، و منتهى لا يصبر عليه ، فينقلبَ حالُه إلى أسوأ حالٍ ، و على قدر الصبرِ يكون الانفراج ، و بما أنَّه كذلك فمن العقلِ اتقاءُ شر الحليم إذا غضب ، فغضبه انفراج لمكتومٍ ، و بوحٌ لمكبوت ، و نفثة مصدور ، فلا يكون الانفراج سهلاً ، و لا وقعه يسيراً ، بل سيكون شديداً قاسياً على كل ما حوله ، فيُدرك الفطناءُ من قوة الغضبِ قوةَ الحلم .